حتى تكون أسعد الناس( -د.عـائض القـرني)
فضول العيشِ أشغالٌ, والزائدُ عن الحاجة أثقالُ, وعفافٌ في كفافٍ خَيْرٌ من بَذْخٍ وإسرافٍ
لا تحمل عقدة المؤامرةِ, ولا تفكْر في تربصِ الآخرينَّ, ولا تظن أن الناسَ مشغولون بك, فكلٌّ في فَلَكٍ يسبحون
فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ فيرد كيدهم ويبطل مكرهمِ، ويخذلُ جندهم، ويفلُّ حدَّهم, ويمحقُ قوتهم, ويُذْهِبُ بأسهم ويشتتُ شملهم
فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ فشفى غليلهم, وأبرد عليلهم, وأطفأ لهب صدورِهم, وأراحَ ضمائرَهم, وطهرَ سرائرَهم
تبسمك في وجهِ أخيك صدقةٌ.. لأن الوجه عنوانُ الكتاب, وهو مرآةُ القلبِ، ورائدُ الضميرِ وأولُ الفألَ
ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ بتركِ الانتقامِ، ولطفِ الخطابِ، ولينِ الجانبِ, والرفقِ في التعاملِ ونسيانِ الإساءةِ
مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى ولكن لتسعد وتفرحَ روحُك، وتسكنَ نفسُك، وتدخل به جنةَ الفلاحِ، وفردوس السعادةِ
وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ بل يسرٌ وسهولةٌ، ومراعاةٌ للمشقةِ، وبعدٌ عن الكلفةِ، وسلامةٌ من التعبِ والإرهاقِ
وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فيسعدون بعد شقاءٍ ويرتاحون بعد عناءٍ ويأمنون بعد خوفٍ، ويسرون بعد حُزْنٍ
قَلَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي* وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي.. فأرى النور أمامي، وأحسّ الهدى بقلبي، وأمسك الحبل بيدي، وأنال النجاح في حياتي، والفوز بعد مماتي
وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى.. فتعبد ربك بحبٍ وتطيعه بودٍّ وتجاهد فيه بصدقٍ ؛ فيصبح العذابُ فيه عذاباً، والعلقمُ في سبيلهِ شهْداً
لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلا وُسْعَهَا فلا تكليف فوق الطاقةِ، وإنما على حَسَبِ الجهدِ وعلى قدرِ الموهبةِ وعلى مقدارِ القوةِ
رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا فأنا نهِمُ أحياناً، ونغفلُ أوقاتاً، ويصُيبنا الشرودُ ويعترينا الذهولُ فعفوك يا ربُّ
أَوْ أَخْطَأْنَا فلسنا معصومين ولا من الذنب بسالمين، ولكنَّا في فضلِك طامعون وفي رحمتك راغبون
رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً فنحن عبادٌ ضعفاءٌ وبشر مساكينُ، أنت الذي علمتنا كيف ندعوكَ فأجبْنا كما دعوتنا
رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ فنعجَزَ وتكلَّ قلوبُنا وتملَّ نفوسنا، بل يسرْ علينا وقد فعلتَ، وسهلْ علينا وقد أوجبتَ
وَاعْفُ عَنَّا فنحن أهل الخطأ والحيفِ ومنا تبدرُ الإساءةُ، وفينا نَقْصٌ وتقصيرٌ، وأنت جوادٌ كريمٌ رحمانٌ رحيمٌ
وَاغْفِرْ لَنَا فلا يغفرُ الذنوب إلا أنت، ولا يسترُ العيوبَ إلا أنت، ولا يحلمُ عن المقصر إلا أنت، ولا يتفضلُ على المسيءِ إلا أنتَ
وَارْحَمْنَا فبرحمتك نسعدُ, وبرحمتِك تعيشُ آمالنا, وبرحمتك تُقْبَلُ أعمالُنا, وبرحمتك تصلح أحوالُنا
بعثت بالحنيفة السمحة فلاعَنَتَ فيها ولا تنطّعَ ولا تكلّفَ ولا مشقةَ ولا غلوَّ, بل فطرةٌ وسنةٌ ويسرٌ واقتصادٌ
إياكم والغلو بل الزموا السنة, اتباعٌ لا ابتداعٌ, وسهولةٌ لا مشادةٌ, وتوسطٌ لا تطرفٌ, واقتفاءٌ بلا زيادةٍ
أمتي أمة مرحومة تولاها ربها, فرسولُها سيدُ الرسل ودينُها أحسنُ الأديانِ، وهي أفضل الأممِ وشريعتُها أجملُ الشرائعِ
ذاق طعم الإيمانِ من رضى باللهِ رباً، وبالإسلامِ ديناً وبمحمدٍ رسولاً وهذه الثلاثة أركان الرضا وأصول الفلاحِ
إياك والتسخط فإنه باب الحزنِ والهمِّ والغمِّ وشتاتُ القلبِ وكسفُ البالِ وسوءُ الحالِ وضياعُ العمرِ
الرضا يكسب في القلب السكينة والدَّعَةَ، والراحة والأمنَ، والطمأنينة وطيبَ العيشِ والسرورَ والفَرَحَ